الخميس، 30 أكتوبر 2008

شخصيات فى حياتى : الشخصيه الرابعه ( الوجه الاخر للعمله )

فى هذه السلسله ، ساتحدث باسم الشخصيه ، و فى النهايه قد اذكر ارتباطى و علاقتى بها او قد لا اذكر لكن فى النهايه هناك شخصيات فى الحياه تستحق الوقوف امامها ، للتساؤل ، و التأمل ، و للتعلم


---------------------------------------------------------------------------------------------


لمن قرأوا معى سيرة شخصية الاسبوع الماضى


تعالوا سوياً ندخل حياة اخرى ، لشخصية اخرى ، لا رابط بينها و بين شخصية كريمه ، الا ، انى اعرفهما


لكن فى الحقيقه تشابهت حياتهما فى وجوه و اختلفت فى اخرى بحيث اصبحت شخصية اليوم بحق
هى الوجه الاخر للعمله


---------------------------------------------------------------------------------------------


اسمى *****


منذ ولادتى و انا احس انى قرة عيني امى ، حبها لى كان غير عادى ، لم تنجب بناتاً غيرى ، كان كل اشقائى من الذكور لذلك اغدقت علي هى و والدى بالحب و الحنان


و زاد اخوتى الذكور من ذلك الشعور لدى ، كنت جوهرتهم الغاليه ، نعم كانوا يخافون على و يتناوبون توصيلى و رعايتى ، و يذكرون فى كل مناسبه ان من يقربنى بسوء ، سيكون ميتاً لا محاله


لكنى ابداً لم اختنق من تلك الحمايه و الرعايه ، بل على عكس كل صديقاتى كنت اتباهى بحماية اخوتى لى ، و باصطحابهم لى فى كل الاماكن


كنت اسمع جميع من حولى يتحدث عن كونى جميله


ذلك الجمال المميز فى مصر ، الشعر الاصفر و العيون الخضراء ، و القوام الذى يشبه قوام ممثلات الزمن الجميل


لكنى كنت لا ارى ذلك الجمال


فى الواقع كت احس باهمية تنمية عقلى اكثر من جمالى غرست امى فى تلك القيم منذ البدايه ، كانت تحرص على مذاكرتى كما تحرص على مذاكرة اخوتى ان لم يكن اكثر ، و لم تركن مثل امهات ذلك الزمن الى الزواج و تنمية المواهب المنزليه للفتاه ،لذا اجتهدت فى الدراسه على قدر استطاعتى ، و رفضت امى كل الخطاب قبل ان ادخل الجامعه و تطمئن الى انى سوف اكمل دراستى للنهايه


و فى اول سنين الدراسه ، تقدم لى ، مهندس ، شاب ، موهوب


لم انظر لوسامته و لا لشكله ، لكن اعجبنى عقله و تفكيره ، و اعجبنى انه استاذننى فقط ثم تقدم لاهلى بعدها مباشرة ، اى انه لم يضع وقتاً


و علمت بعدها لماذا ، لقد كانت اسرته جيراناً لنا فيم سبق ، قبل ان يسافر لاكمال تعليمه فى الخارج ، و كان يعرفنى منذ طفولتى ، بل انه احبنى منذ طفولتى و لم يصدق نفسه حين كبرت طفلته و اصبحت طالبه فى الجامعه


و تحولت ضفيرة الذهب التى كانت على ظهرها ، الى تاج مصفف بعنايه


و تحولت مريلة المدرسه الكاروهات ، الى فستان على احدث الموضات


كانت امى لا تبخل على بشىء ، طالما كان فى حدود الاحترام ، لم يكن الحجاب موجوداً فى مجتمعنا او وسطنا فى ذلك الوقت ، لكن كان الاحتشام دوماً موجوداً ، لم يكن مسموحاً لى بلبس المايوه ، او اظهار ما فوق ركبتى ، او حتى ذراعى ، و فى الواقع كان ذلك يروق لى ، كان لدى حياءً داخلياً يمنعنى من تقليد باقى فتيات مصر الجديده فى طريقة ملبسهن او حتى مشيتهن


و فى السنه الثانيه للجامعه ، تزوجت من حبيبى و خطيبى الذى احبنى فى صمت عمراً كاملاً


و حين جاء و قت الكلام


لم يتكلم


ابداً


بل فعل ، فعل كل ماتتمناه امراه من رجلها


جعلنى ملكه


ليس بالاموال و لا بالهدايا كذلك لم يجلب لى تاجاً من الماس


بل كان هو تاجى ، و ظل كذلك طيلة حياتى ، كنت انظر فى عينيه فافهم ما يريد ليس فقط ما اريد ، بل يفهم احلامى ، و ينفذها


كان يعلم انى اريد ان اعمل ، فوافق على ذلك بكل سرور فور انهائى لدراستى ، بل و تدخل ليدبر لى عملاً كمدرسه للغات فى مدرسه قريبه من منزلى بمصر الجديده


و هناك


فى تلك المدرسه


و جدت نفسى ، و كيانى و حياتى كلها


منذ خطوت بقدمى خطوتى الاولى داخل المدرسه ، ادركت انى خلقت لكى اقوم بهذا


كل صديقاتى كن يتحسرن على انى بكل جمالى و اناقتى و مؤهلاتى الاجتماعيه


اعمل كمدرسه


و فى وسعى ان اعمل بالعلاقات العامه او بوزارة الخارجيه ، او حتى ان اعمل معيده بكليتى بعد ان تخرجت بتقديرات ممتازه


لكنى وجدت فى التدريس ، ما كنت احلم به طيلة حياتى


البناء


كان زوجى مهندسا يبنى العمارات


و ابنى انا العقول


كنت احرص على ان اعلم الفتيات كيف يتكلمن و كيف يتصرفن فى حياتهن ، اكثر من مادتى نفسها


و رزقنى الله بعد وقت قصير بالولد ، طفلى الاول ، بهجة عمرى كله


و عرفت ان للسعادة افاقاً لم احلم بها ابداً


و بعدها بفترة قصيرة ، توفى والدى ،و اورثنى و امى حزناً عارماً ، بالرغم من حبى لزوجى بل و عشقى له ورغم حنان اخوتى على


الا ان موت ابى ، جعلنى احس بان ظهرى انقصم ، كان هو ظهرى و سندى و بفقده ، احسست بالوحده و العالم ملىء من حولى


رحمة الله عليه


و بعدها ، قرر زوجى الحبيب ان تنتقل امى للمعيشه معى ، و بعد جهد طويل ، وافقت امى ، كنت حبيبتها و كانت تعلم انى بعد ان رزقت بولدى الثانى زادت مشاغلى و اصبحت رعاية المنزل و الاولاد و االاهتمام بعملى فى نفس الوقت شبه مستحيل

خاصة بعد ان تنبهت ادارة المدرسه لقدراتى الخاصه فى التعامل مع البنات ، و اصبح يوكل الى معظم امور النشاط المدرسى مثل الاذاعه و الخطابه ، و حفلات نهاية العام

تلك الانشطه التى يسفهها البعض ، لكنها لطالما ساعدت بناتاً يتلعثمن فى الكلام ، على ان يصبحن طليقات اللسان مثل خطيب مفوه

و تعلمن ان يقهرن خجلهن و خوفهن من الفشل ، ليتحولن كالفراشه الجميله التى تخرج من شرنقتها بعد ان كانت مجرد دوده تزحف على الارض

كانت المدرسه هى تلك الشرنقه ، اما تخرج منها الفتاه كالفراشه لتنثر النور و الجمال ، او تخرج منها كما دخلتها ، مجرد كائن يزحف على الارض و يخشى المواجهه و لا يستطيع التحليق

و من المديرين الانجليز لتلك المدرسه العريقه ، تعلمت كيف يكون الحزم مع الحنان و العنايه مع تشجيع الاعتماد على النفس و تمنيت ان استطيع يوماً تطبيق كل ما تعلمت

و بعدها بقليل تغيرت القوانين و رحلت الاداره الانجليزيه و تغير الزمن ، و اصبحت احلامى صعبة التحقيق بسبب نقص الميزانيه و كل تلك الترهات الماديه

و فى ذلك الوقت ، رزقت بابنتى الصغرى ، حبيبتى و قرة عينى ، و عرفت وقتها بالضبط ماذا كان احساس امى بى ، بل و بها هى الاخرى ، فقد كانت امى معى يداً بيد فى كل ما يخص طفلتى الحبيبه

و لمح زوجى تأثرى من تغيرات العمل ، و عدم قدرتى على التعامل مع الاداره الجديده

و ذات ليله ، اخذنى لنسهر مع مجموعه من اصدقائه ، رجال الاعمال ، و لم يكن ذلك من طبعه ، لكنى خرجت معه

و فى تلك السهره علمت مغزى خروجى معه ذلك اليوم

لقد اتفق زوجى الحبيب مع مجموعه من اصدقائه على المساهمه معهم فى تأسيس مدرسه خاصة ، للبنات فقط ، و نشأت الفكره حين علم ان اصدقائه بصدد تأسيس مدرسه ،و تفكيرهم فى الاستفاده من خبرتى فى ادارتها معهم ، لكن حبيبى فكر انى لا يجب ان اعمل عند احد ، ليس بعد الان ، و قرر ان يساهم معهم ، لكى اكون شريكاً و فى نفس الوقت لى حق الاداره

لقد صنع من اجلى الكثير

حقاً ، طيلة حياتنا معاً ، كان دائماً ما يعطى و يعطى ، حتى انه لم يتبرم يوماً من تاخرى فى العمل او قلقى بسبب شأن من شئونه

لكن ما فعله فى ذلك اليوم ، سيبقى اغلى و اكبر ما يمكن ان يفعله زوج محب لزوجته ، لم يكن الامر كمن يكتب لزوجته شقه او عقاراً ، كان امرا ًمختلفاً تماما

كان يغذى عشقى لعملى و يشجعنى عليه بصوره لم اتخيل ان اراها يوماً فى حياتى

و بعد شهور قليله ، انتقلت لمقرى الجديد ، مكتبى كمديره للمدرسه لم تتخط الثلاثين الا بسنوات قليله ، و اولياء الامور و هو يقدمون اوراق بناتهم و يبدون اعتزازهم بى ، كان بعضهم يعرفنى من مدرستى القديمه اذ كنت درست بعض بناتهم او بنات عائلاتهم فى مدرستى القديمه


و فى اول يوم للدراسه ، فوجئت بسياره المانيه بيضاء جديده تنتظرنى اسفل المنزل

استدرت لاصعد درجات السلم مثنى و ثلاثا

لكى اشكر ذلك الملاك الذى اهدانى الله به

زوجى الحبيب ، ابى الا ان اذهب لعملى الجديد بسياره جديده، كانت حتى افضل من سيارته الشخصيه فى ذلك الوقت

و بدأت فى عملى الجديد، و زوجى و امى من خلفى يدفعاننى ، لولاهم لما اصبحت شيئا

كنت انزل فى السادسه و النصف ، لاصل الى المدرسه قبل عاملات النظافه ، و اشرف على نظافة الادوار و الحمامات بنفسى ، و كن يعلمن ذلك ، فكانت مستوى نظافة حمامات المدرسه كفنادق الخمسة نجوم ، حتى لو اشتريت المطهرات و المنظفات من جيبى الخاص
و بعدها اباشر طوابير الصباح بنفسى و استمع الى نشيد بلادى بصوت البنات ، و ان لم يعجبنى حماسهن ، اعيده مرة اخرى ، حتى انهن كن يغنين بحماس من المره الاولى حبا لى
حتى المدرسين ، لم يكن احدهم يتاخر ابدا عن ميعاده ، كيف يفعل ذلك و هو يرى حوله مظاهر الالتزام فى كل ما حوله ، ذاك كان شعارى ، اذا اردت ان يفعل مرؤوسى شيئأ ، على ان اكون انا قدوتهم فيه اولاً

كانت تلك المدرسه كانها منزلى ، هل هناك ربة منزل تهمل فى ركن من اركان بيتها ، كان ذاك هو بيتى

و اظل فيه لا اغادر حتى الساعه الخامسه او السادسه ، بعد انهاء المشاكل المعلقه و الامور الاداريه

اعترف انى خسرت الكثير

و لكنى ايضاً كسبت الكثير

خسرت لحظات سعاده سحريه وسط ابنائى و هم يكبرون و اصوات ضحكاتهم الجميله التى كانت يمكن ان تملأ ليلى و نهارى

لكنى كسبت الاف البنات اللاتى ربيتهن منذ الحضانه حتى تخرجهن من مدرستى ، فتيات محترمات ، يعرفن معنى المسئوليه ، و اثمرت شجرة تلميذاتى امهات صالحات و فوق ذلك ايضاً

هذه مذيعه و تلك صحفيه ، و اخرى مهندسه تعمل مع زوجى فى مكتبه ، و رابعه مدرسه عادت للعمل معى فى نفس المكان الذى تربت فيه

و خلال سته او سبعه سنوات كانت المدرسه قد نجحت نجاحاً ساحقاً ، و تم افتتاح العديد من الافرع

و انتقلت بتلميذاتى لفرع جديد مجهز باحدث التجهيزات ، كما التحق ابنى الاكبر بالجامعه ، فى امريكا ، كما اراد له والده ،كم كان فراقه و سفره صعبا ًعلينا و هو الذى اصبح من يراه الى جوارى يظننى اخته كما كان يحلو له ان يداعبنى بقوله

و بدلا من ان يدللنى زوجى و اخوتى فقط ، اصبح ابنائى هم الاخرون يدللوننى كما لو كنت ابنتهم لا امهم ، اذ كانت امى ادامها الله هى امنا الحقيقيه جميعاً

كما كبرت ابنتى هى الاخرى و اصبحت صديقتى العزيزه ، كم اردت ان اخرج معها كثيراً كما كانت تتمنى ، لكن ظروف العمل غالباً ما كانت تمنعنى من تحقيق كل ما كنت اتمناه

و فى نهاية ذلك العام الدراسى ، كانت حفلة المدرسه اروع الحفلات قاطبة ، حتى انى احضرت ديكورات المسرحيه من منزلى الخاص ، صالون منزلى و ستائر و غيرها ، لاعطى مصداقيه لما يحدث على المسرح

و استعنت بمدرسينى لتاليف نشيد خاص بالمدرسه له لحن خاص يخطف القلوب و يثير الحماس

بالعلم سنبنى الاوطان

و نباهى فى كل مكان

و حضر المحافظ والوزير الحفل ، و صعدت لالقى كلمة الترحيب على المسرح و زوجى هناك و امى ترمقنى بحب

و ذلك الطاقم الذى احضره زوجى الحبيب من باريس خصيصاً يثير اعجاب و غيرة الحاضرات

و ما ان انتهيت من كلمتى

حتى فوجئت انى لست على مايرام و على وشك السقوط

تحاملت على نفسى حتى عدت لمنزلى و اتى زوجى الذى افزعه ما حدث بالطبيب

و بعد الفحص الاولى

قرر انى يجب ان ادخل الى المستشفى لاجراء المزيد من الفحوص

صرخت بانى لا استطيع ، لانى لا املك وقتاً ،كيف اترك عملى فى ذلك الوقت الحساس

و لكنى بعد ان زادت الالام على

رضخت و دخلت المستشفى

و لن اطيل

اسوا مخاوف اى سيده

السرطان

لن انكر انى خفت ، لكنى حين رايت الهلع فى عينى امى و عينى زوجى الغاليان ، تماسكت و رسمت بسمة على شفتى ، و قررت اجراء عملية الاستئصال باسرع ما يمكن ، و انا اقنع نفسى انى لا استئصل انوثتى ، بل استئصل المرض

و بعده ساعود كما كنت

و اصر زوجى ان اسافر لامريكا حيث يدرس ابننا لكى اجرى الجراحه هناك

اغلق مكتبه و ترك كل شىء ، و سافر معى

و هناك ، ادركت ان المرض ليس شراً كله

لقد اقتربت منه و اقترب منى كما لم يحدث من قبل

حقا لقد ضاع عمر كامل فى العمل و الكد ، سواء كنت انا او هو

و نسينا كنزا ًمخبأ فى الاعماق

كنز حبنا لبعضنا البعض



و اجريت الجراحه التى تبعها تاهيل نفسى لكى تتقبل المراه ما حدث ، و لكى تعرف ما هو أت

و اه مما هو أت

العلاج الاشعاعى و الكيميائى

لم اكن اصدق ان شعرى الذهبى الجميل ، اصبح يتساقط كما لو كان بغير جذور ، و ان لون جلدى و وجهى اصبح مختلفاً و كل ذلك فى شهرين فقط

و داومت على العلاج ، و المسح الذرى لمدة ثلاثة اعوام

حاولوا خلالها اثنائى عن العوده للعمل

لكن حين لمح زوجى تهدمى و اكتئابى ، وافق على عودتى لمدرستى

و كان يوم عودتى يوم عيد

صحيح كنت ارتدى باروكه على راسى و اصابنى الهزال ، حيث كنت اتمتع بالرشاقه طوال حياتى ، لكن بعد المرضه ، تحولت الرشاقه الى هزال شديد

لكن ويا للعجب

كان من يرانى صباحاً اصحو من سريرى ، لا يتخيل ان هذا النهار سوف يمضى و انا حيه

لكنى بمجرد ارتداء ملابسى و حضور سائقى حيث اصبحت لا اقوى على القياده

تدب فى الحياه و تعود الى الروح ، كما لو كنت شابه فى العشرينات ، و اقوم بعملى بكل طاقتى ، صحيح لم اعد كما كنت تماماً

لكنى عدت

و احمد الله انى عدت ، حيث احسست وقتها بحب الناس ، انه كنز

المدرسين و العاملين و حتى اولياء الامور ، كانوا ياتون الى مكتبى فقط لتحيتى و السؤال عن صحتى

كم هى كثيرة نعمك يا الله

و طلبت الى زوجى ان نذهب للحج ، سوياً

و هناك فى بيت الله ، اقتربت اكثر ، و احسست بحكمته اكثر ، وبان رحمته سبقت عذابه ، و بانه هو صاحب الحكمة العليا فى كل ما يحدث لى

ارتديت الحجاب ، عن اقتناع ، لم ارض ان البسه بعدما فقدت شعرى ، حتى لا احس انى اضطررت اليه اضطراراً ، بل ارتديته بعد ان عاد شعرى لطبيعته تقريباً ، و اخترت بارادتى ان اغطيه

كم كانت سعادة ابنائى بعودتى من الحج و خاصة ابنتى التى كانت سبقتنى الى الحجاب ، هداها الله و يسر لها طريقها

و بعدها بشهور ، خطب ابنى الغالى ، و حضرت خطوبته و انا احس لاول مره باحساس ام العريس ، كم هو لذيذ هذا الاحساس ، هذا الرجل الصغير لى ، و ستشاركنى فيه اخرى ، لكنى فى قمة سعادتى بذلك

و لكن

بعدها بشهور قليله ، بدات اعراض المرض تعاودنى مرة اخرى

و سافرت للولايات المتحده ثانية

و حين عدنا دون ان نجرى اى عمليات

و حين لمحت دموعاً فى عيون كل من حولى

ادركت ان مرضى اصبح ميئوساً منه

و انها اصبحت مسألة ايام او شهور على اكثر تقدير

لم اجزع و لم اهلع ، حتى لا ازيد من هم زوجى و امى

و حين كانت ابنتى تبكى بين يدى قبل نزولها لمدرستها ، كنت اطمئنها قائلة ، ما تخافيش ، مش النهارده ، ان شاء الله حاترجعى تلاقينى يا حبيبتى



و كل يوم كنت انظر خلفى الى تلك الحياه التى عشتها

حياة مليئه ، كم مره يدق الهاتف ليسال عنى الناس ، لم اعد احصى

كم صحبة ورد وصلت الى منزلى

كم مره كنت مع ابنتى فى احد المطاعم او المحلات و توقف اناس للسلام علي و تمنى الشفاء و الصحه لى

و قربتنى تلك الفتره اكثر من الله

و من ابنتى الحبيبه ، التى تمنيت ان اعوضها فى شهور عن بعدى عنها سنوات و سنوات

و كم سعدت حين قرات فى مذكراتها الشخصيه التى اعطتنى اياها ،حين عرفت انها عاشت عمرها كله

فخورة بى

و سعيده بانى امها

و انها لو اعطيت الاختيار ، ما اختارت اماً غيرى

يارب ، اجعل كل دعوة من قلب ام او اب ساهمت فى تربية و تعليم بناته ، اجعلها من نصيب ابنائى ، و امنحها السعاده

و امنح زوجى الصبر
انك انت القائل : الذين خافوا لو تركوا خلفهم ذريةً ضعافاً ، فليتقوا الله

اما امى

فانك انت قدرت ذلك على و عليها

و انت كفيل بها من بعدى

------------------------------------------------------------------------------------------

كالعاده ساكمل الحكايه

لقد قلت انها الوجه الاخر لشخصية الاسبوع الماضى

يعلم الله كم احببت هذه السيده الجميله قلبا و قالبا
احببتها منذ ان رايتها
منذ ان قالت لى انى خلقت لكى اكون مدرسه برغم شهادة الهندسه التى احملها
و منذ قبلت بى وانا لم امسك يوماً باصبع طباشير ، و لقد نظرت الى
و رأتنى
كما رأيتها و احسستها
رحمة الله عليها ، كان يوم موتها يوماً حزيناً لكل من فى المدرسه
بل لكل من فى الحى
و اقمنا صلاة على روحها اشتركت فيها كل طالبات المدرسه و مدرسيها و كانت جنازتها مشهوده من الجميع
و الى الان
لازلنا نذكرها بكل الحب و العرفان ، مدرسيها و كل من تتلمذ على يديها كبيراً كان او صغيراً
كانت اماً للجميع رحمها الله و اسكنها فسيح جناته

و بعد مرور سنين على وفاتها لا زلت كلما سمعت النشيد الذى تم تاليفه للمدرسه فى عهدها ، ، تملا الدموع عيناى و ادعو لها بالرحمه
كم هو جميل ان يمضى الانسان بعد ان يترك اثراً
كم هو جميل ان نقضى حياة عميقة ، مهما كان طولها
المهم تاثيرها و ما نخلفه بعدنا فيها
نرجو الله الا يقطع ذكرنا بعد وفاتنا


الخميس، 23 أكتوبر 2008

شخصيات فى حياتى - 3

فى هذه السلسله ، ساتحدث باسم الشخصيه ، و فى النهايه قد اذكر ارتباطى و علاقتى بها او قد لا اذكر لكن فى النهايه هناك شخصيات فى الحياه تستحق الوقوف امامها ، للتساؤل ، و التأمل ، و للتعلم
---------------------------------------------------------------------------------------------
اسمى كريمه
ولدت لابوين حانيين و كان ترتيبى الوسطى بين اخوتى دائماً ما يشعر الطفل الاوسط بشىء ما ينقصه الاول مميز لكونه الاكبر ، و الاخير لكونه اخر العنقود لذلك نشأت و انا احس بعدم التميز فى اى شىء ، مثل الماء لا طعم لى و لا رائحه ، حتى جمالى كان عادياً ، بالاضافه الى انف كنت اراه كبيراً و يبتلع معظم وجهى ، رغم ان من حولى ظلوا يؤكدون لى انه مناسب ، الا انى لم اقتنع ، كنت اراه ابشع ما فى ، لكنى بعد ان وصلت سن الخامسة عشر ، بدأت معالم جمالى فى الظهور و بدأت اسمع اطراءات صديقاتى لقوامى و عيناى
و خراط البنات خرطنى كما يقولون و نسيت مؤقتاً مشكلة انفى
كانت امى امراة عامله و كذلك كان والدى ، لذلك كنت اقضى معظم وقتى وحيده ، و سط اخوة صبيان اكبر و اصغر منى ، لطالما تحكموا فى و فى تصرفاتى ، و كانت اختى الصغرى تصغرنى بكثير ، لذلك لم اتواصل معها كصديقه ، بل كنت دائماً من اصدر اليها الاوامر
مرت السنوات حتى انهيت دراستى الثانويه ، و بدأت المصادمات بينى و بين اسرتى ، اذ كان لابد لى من السفر لالتحق بالجامعه خارج محافظتى ، اذ انه فى ذلك الوقت لم تكن جميع الكليات متوافره بجامعة الاقليم الذى اسكنه
و اخترت الالتحاق بكلية البنات ، فى الواقع لم اختر ، لقد فرض علي ذلك ، لان الاقامه فيها كانت داخليه ، كما انها كانت للبنات فقط و ذلك كان شرط والدى و اخوتى فى الكليه المناسبه لى فكانى انتقلت من المدرسه الى مدرسه اخرى اكبر
و لكنها كانت القاهره ، هناك تعلمت ان اصبغ شفتاى لاول مره ، و ان اغير لون شعرى ، الذى كان اشقائى يجبرونى على ان اغطيه بايشارب ، كنت اخلعه بمجرد ان اتوارى عن انظارهم لكان وقتها الحجاب نادراً و يصم صاحبته بانها فلاحه ، وليست انسانه متدينه ، كما ان نظرات الشباب التى بدأت تلاحقنى ، كانت تغرينى اكثر بالاهتمام بجمالى الظاهرى
و مرت سنوات الجامعه ، بحلوها و مرها ، و و مصادماتى المتعدده مع اخوتى بشأن خروجى و دخولى و ارتدائى الحجاب الذى كان كريهاً الى نفسى فى ذلك الوقت ، سامحنى الله
و فى السنه الاخيره من الكليه ، قابلته ، شاب من نفس محافظتى ، كان مشهوراً بانه دون جوان البلده ، وسيم و انيق الى ابعد الحدود ، و كانت مغامراته النسائيه معروفه للجميع ، لكنه كان يتعامل معى بمنتهى الاحترام
كان يعلم كل شىء عن عائلتى الكبيره و عن اخلاقهم و تدينهم ، لذلك اعلن لى من البدايه انه يريد خطبتى ، و ليس التسليه ، لانه قد مل من التسالى على حد قوله
و فى احد لقاءاتنا بحديقه عامه بالقاهره ، و جدت نظراته تتعلق بذلك الانف الذى اكرهه لم اتردد
، خضعت لجراحه تجميل فى انفى ، كلفتنى الكثير ، و لم تعلم بها غير امى ، لكنى بعدها احسست انى انسانه جديده ، و سعدت بانفى الجديد و حجمه الصغير ، و لاحظ فريد ما حدث ، و كان ذاك اسم حبيبى ، و لم يعلق
كان اكثر خبرة و ذوقاً من ان يعلق على امر كهذا
و تقدم لى رسمياً بعد ان انهيت دراستى و ساعتها و قعت الواقعه رفضه ابى و اخوتى بلا مناقشه ، كيف يوافقون على من طبقت سمعته السيئه الافاق ، و هم الذين يحرصون على اداء جميع الفروض بالمسجد و والدى حافظ كتاب الله
لم تقف معى غير امى ، كانت تحس انى احبه ، و كانت تريد التخلص من تمردى و عنادى باى شكل ، اذى انى طالما ارهقتها بطلباتى و اصرارى طوال عمرى
و جاءت كلمة ابى باتره كالسيف
لن تتزوجيه
و سقطت مريضه و كنت طوال حياتى ضعيفه و نحيفة القوام ، و زادنى المرض هزالاً و ضعفاً و استمرت محاولات امى لاقناع ابى ، الذى كان برغم تدينه الشديد ، انساناً متفتحاً
بعد ان لمس حبى الشديد لفريد ، و كذلك نية فريد فى التغير ، اذ سافر لاداء العمره
لان قليلاً ، ثم وافق على مضض ان يضع يده فى يد فريد و عقد والدى قرانى ، و بعدها بفتره قليله رحل عن الحياه ، رحمه الله ،
تاركاً خلفه حب و احترام و سيره طيبه يتبادلها كل من عرفه
و لم تصر امى على مرور عام كامل على وفاته كى يتم الزفاف ، بل قررت ان خير البر عاجله ، و ان كانت مراسم الزواج قد خلت من الموسيقى و الغناء و اقتصرت على حفل بسيط ارتديت فيه فستاناً لم تره بلدتى من قبل ، استوحيته من احد الافلام الاجنبيه ، و لم ارتد طرحه ، فقط شابو ابيض كبير و صار بعدها موضه فى الافراح لفتره ، و ذلك القفاز الطويل الذى يصل الى ما فوق الكوعين اجمع كل من رانى ، و اولهم فريد انى كنت ابدو كاميره من اميرات الاسره المالكه الانجليزيه و كان ذلك اجمل يوم فى حياتى
بعد الزفاف بايام ، ارتديت ملابس التنس ، و حملت مضربى ، و قررت ان انزل للتدريب فى النادى
كنت احلم بتعويض كل ما فاتنى من متع ، بسبب تشدد اخوتى و كنت اتخيل ان الزواج ، ماهو الا عشاء رومانسى على ضوء الشموع و رقص هادىء و رياضه اسبوعيه
كان رد فعل فؤاد رهيباً ، و تصاعدت بيننا المناقشه ، حتى فوجئت به يستدعى اخوتى ، و يشهدهم على
طبعا وقفوا فى صفه ، منذ متى كانت سيدة فى اسرتى تحمل مضربها و تنزل للعب التنس ؟
خاصة انى لم اقوم بطهى وجبه واحده فى المنزل منذ زواجنا و لا حتى بذلت مجهوداً فى التنظيف ، حيث كانت اسرتى تتولى ذلك تماشياً مع التقاليد الخاصه بالعروس الجديده
و كأن فريد كان يرسم خطاً لحياتنا فيم بعد
لم يحدث بعدها اى خلاف قط ، الا قام او قمت انا باستدعاء اخوتى ، كنت دائماً ما افعل حينما يخطىء هو و كانت تلك اكبر غلطه فى حياتى لقد كنت اوغر صدرهم من ناحيته ، و اشكوه لهم ، كنوع من الانتقام لاول مره قام فيها بالاستعانه بهم
لدرجة انهم ذات مره هموا بضربه حينما علموا انه مد يده على فى خلاف عابر
و اورثهم ذلك الكراهيه المتبادله ما بقى لنا من عمر و بعدها توفرت لزوجى فرصه العمل فى احد الدول العربيه ، و سافرنا بالفعل و هناك قاسيت الامرين ، لم تكن الحياه سهله و المساكن مكيفه كما هى الان كانت الدول العربيه اقرب الى البداوه ، و كل ما يميزها هو كبر الدخل ، بدون اى رفاهيات او متع فى الحياه و هناك تغير كل شىء ، ذاب جمالى و زاد وزنى خاصة بعد انجابى لعدد من الاطفال و لم تنتهى خلافاتى مع زوجى ، لكنها قلت لاننا لم نجد من نلجأ له هناك
و فى تربيتى لاولادى ، اخطأت الخطأ الثانى ، جعلتهم دائماً يعتمدون على و على ارائى و يسفهون اراء ابيهم و يحقرونها و عندما يمنعهم عن شىء كنت دائماً ما احضره لهم ، كان يعتقد انى اغيظه ، لكنى ابداً لم اقصد ذلك ، كل ما قصدته ان اعطى بناتى كل الحريه التى حرمت منها ، كل الملابس الجميله التى تاقت نفسى اليها لكن امى كانت تمنعنى بدافع الحشمه و الحفاظ على جسدى ، لكنى كنت ارى ذلك كله حرماناً لى من التمتع بشبابى رغم انى حججت بيت الله و تحجبت عن اقتناع تلك المره ، لكن عندما كان الامر يختص بالبنات ، كنت اغض الطرف و اتركهن يفعلن ما يشأن ، بحجة انهن لا زلن اطفالا بل انى كنت امنع اخواتهن الصبيان من التدخل باى شكل فى ملابسهن او خروجهن و دخولهن ، حتى بعدما كبرت البنات و عدنا لمصر استمريت فى ذلك و كانت كلمتى المفضله هى : لما اموت ابقوا اتحكموا فيهم زى ما انتم عايزين ظللت اميز البنات عن الاولاد ، و امنحهم كل الحقوق التى طالما حرمت منها ، حتى انى ذهبت باحداهن الى الكوافير لتغير لون شعرها و هى فى الصف السادس الابتدائى لم تزل ، فقط لاحقق رغبه دفينه طالما حلمت بها كنت اظن انى بذلك اضمن تماماً سعادتهن و حبهن الشديد لى ، و استمرت الحياه بهن بتلك الطريقه ، و كذلك بالاولاد
و كانوا جميعاً من المتواضعين دراسياً ، لكنى كنت اعزو ذلك لان المدرسين يتقصدوهم ، او لان الامتحانات صعبه ، لم اتصور ابداً ان يكون ابنائى من الاغبياء ، كيف ذلك ؟ لقد كانوا فى منتهى الذكاء و الالمعيه ، هذا ما كانت تراه عيناى دائماً
حتى لو حدث خلاف طفولى عادى بين احد من اولادى و طفل من اطفال العائله ، كان دائماً اولادى غير مخطئين ، مهما فعلوا ، كنت اصدقهم دائماً و اكذب كل من ينالهم باقل كلمه ، و كذلك كانت امى و اختى الصغرى التى لم تتزوج بعد ، كنا كلنا نشترك فى التدليل و العطف كنا جميعاً فى خدمتهم ، و عندما اردن تعلم الباليه و التنس و غيرها ، كنت اقوم راضيه بتوصيلهن و متابعتهن تلك هى التربيه التى كنت اتمناها لهن ، مدارس لغات ، ملابس على احدث الموضات ، و كذلك تعليم للباليه و السباحه
لم اهتم ابداً بتنمية عقولهن ، لم الق بالاً الى ان احداهن لم تقرا كتابا فى حياتها و فى خضم رحلتى هذه ، فوجئت بالام و ورم فى صدرى ، و بدون الخوض فى التفاصيل بعد التحاليل و الاشعات ، تقرر استئصاله ، اذ قرر الطبيب انى اصبت بالمرض الخبيث ، و انه فى اول مراحله و لن اطيل عليكم ، مرت سنوات من العذاب ، تاره العلاج الكيميائى ، و تاره الاشعاعى ، للقضاء على اى بقايا للمرض ، بالاضافه الى اجراء الاشعات و التحاليل الدوريه للتاكد من خلوى من المرض
و مرت سنتان ، لم اتعاف فيهما ، و ظللت عليله معظم الوقت ، و لم اجد من يقف الا جانبى الا فريد كان الابناء مشغولون عنى بالاصدقاء و التمارين و الشوبنج و اخر همومهم الدراسه
لقد رسب ابنى الاكبر فى الثانويه العامه اكثر من مره ، و مع ذلك التمست له العذر ، قلت ان مرضى و علاجى هو ما جعله يهمل مذاكرته و بشق الانفس نجح فى السنه الثالثه للثانويه و التحق بالجامعه
اما البنات ، فحدث ولا حرج ، لم يخل عام من الملاحق و الدروس
و مع ذلك ، لم اهتم ، كل ما كان يهمنى هى سعادتهن ، خاصة بعد ان اصبحت احس انى ساتركهن قريباً لا محاله رغم ان الطبيب كان لا يفتأ يطمئننى ، الا انى ظللت احس باقتراب الموت منى فى كل لحظه و لذلك عندما كان احد اشقائى يعلق على ملابس احدى بناتى او ينصحها ، كنت اثور و اقول انى لازلت حيه ، و حتى بعد موتى لن اسمح ان يمسهن احد
و قد تتساءلون عن بناتى ، و ماذا كن يفعلن من اجلى و انا فى مرضى
لا شىء ، لم تناولنى احداهن حتى كوباً من الماء ، و لم اطلب ابداً ، كنت افضل ان اتعب نفسى على ان اتعب واحدة منهن
و وقعت الواقعه التى كنت اخشاها
ضربنى المرض اللعين مرة اخرى ، و هذه المره فى الرئتين
لا شفاء و لا خلاص
هكذا رايت فى عينى الطبيب ، حتى عندما اوصانى احد الاطباء بالسفر للخارج لم اجد حماساً من احد من الابناء الذين اضعت عمرى لاسعادهم بل على العكس ، احسست انهم يخشون على انفاق المال بلا طائل و حاولت فى تلك الايام ان اقرب المسافات بين زوجى و اولادى ، اى ان اصلح ما افسدته بيدى ، لكن بدون طائل كانوا يعاملون اباءهم اسوأ معامله ، و لم يكن هو بافضل من ذلك معهم ، كان يرى انهن لا يستحقون حبه و حنانه ، لقلة احترامهم له و معاملته كانه غريب و عدم اعطاؤه الحق فى الادلاء برايه فى اى موضوع بل انهم كانوا يحترمون اخوالهم اكثر ما يحترمونه ، لكنى ، سامحنى الله ، بعد ما اعلنت لاخوتى انى لا اريد لاى منهم التدخل فى تربيتهم
انفتوا جميعا من عقالهم ، و اصبح كل منهم على هواه يفعل ما يريد و قتما يريد لكن ، من يهتم ؟ لقد كان مرضى وصل الى مراحله الاخيره ، و جاءت والدتى للاقامه معى ، و خدمتى ، و اصبحت تدارى عنى كل ما تحس انه من الممكن ان يضايقنى او يحزننى ثم زادت الطين بله بملازمتى المستشفى بعدها ، اسابيع طويله فى غرفة العنايه المركزه ، هناك ، كنت انظر حولى كل يوم ، فاجد زملاءى فى الاسره المجاوره ، ينتقلون منها الى القبر و انتظر دورى و كل ما يخفف عنى ، هى زيارات اخوتى الطويله ، و عائلاتهم ، و كذلك زوجى الذى كان يغير لى ملابسى و حفاضاتى بعد ان عجزت ان اذهب الى الحمام اما ابنائى ، فكان كل منهم فى واد ، ياتون لرؤيتى دقائق معدوده ، ثم ينصرف كل الى مأربه ، كانهم ادوا واجباً ثقيلاً و هناك ، فى تلك الليالى الطويله التى كانت تداهمنى فيها الكوابيس
عرفت
عرفت انى اخطأت ، و انى تركت لابنائى ميراثاً من الكراهيه
كنت اظن انى حبى لهم يغنيهم عن كل من فى الارض
و ماذا سيحدث عندما اغادر انا تلك الارض
كنت احلم ان ارى كل منهم يوم عرسه و ان احضر تخرجهم من الجامعه
و الان اعلم انى لن استطيع ، ابداً لن يحدث ان ارى احدى بناتى فى فستان الزفاف
ابداً لن ارى احد اولادى يرتدى روب التخرج او اعد له افطاره فى يوم عمله الاول
ابداً لن احمل احفادى لكن كل ذلك كان يتضاءل حين اتصور نوع المستقبل المظلم الذى ينتظرهم ، من سيطيعون ، و الى من سيلجأون لقد حاولت اصلاح الخطا مراراً ، لكن بعد فوات الاوان ، بعد ان خرجت الامور عن سيطرتى حتى انى اصبحت افضل ان اذهب فى هدوء ، دون ان ارى ما سيحدث من عواقب و فريد لقد ظل على اخلاصه لى طوال حياتنا معاً ، لم يحدث ما حذرنى منه معظم معارفى ، بانه لن يتغير و سيظل على علاقاته النسائيه المتعدده ، لم يحدث ان خاننى و لو مره واحده ، و حتى عندما طال مرضى لسنوات ، لم يتخل عنى و لم يهجرنى او يتزوج كما يصنع معظم الرجال
احسست انى اضعت عمرى و لم اعرف من اقرب لى مودة من الاخر زوجى ام ابنائى ، و احسست انى ظلمته بان همشت دوره فى حياة ابنائه ، و بانى كنت دائمة التهديد له باهلى و اخوتى ، و بانى و بانى
لكن هيهات ، فات وقت الندم ، كل ما ادعو به الان ، ان يتقبلنى الله عنده ، و ان يكون مرضى و الامى كفاره لكل سيئاتى ، و ان يتذكرنى اولادى يوماً ، و لو بعد حين ، و يدعون لى بالرحمه

----------------------------------------------------------------------------------------------
كالعاده لم تكتب الراويه نهاية قصتها توفيت السيده كريمه بعد دخولها العنايه المركزه بشهرين ، و لم تكن تخطت الاربعين من عمرها ، و كانت قد طلبت ان تذهب الى منزلها قبل وفاتها بيوم واحد ، و وافق الطبيب ، الذى كان يعلم انه لا امل ، و جل ما يستطيعه اهلها الان ، هو ان ينفذون لها ما ارادت
و فى الصباح التالى ، و كان صباح الجمعه ذهب زوجها و اخوتها لاداء صلاة الجمعه ، و ظلت هى تنازع و تكلم اشخاصاً غير موجودين ، تطلب اليهم الانتظار قليلاً
و لاحظت سيدات العائله ذلك و بدأن فى البكاء
لكن و يا للعجب ، تم لها ما ارادت
اذ فاضت روحها بعد دخول اخوتها و زوجها بدقائق ، و بعد ان لقنوها الشهاده رحمها الله اما عن ابناءها فكان الذى يراهم يوم وفاتها ، يظنهم احد اقاربها البعيدين ، بسبب تبلد مشاعرهم و تصلدها و لم يرهم احد يذرفون دمعة على والدتهم او يرتدون السواد ، بحجه انها رحمها الله كانت تكره ان يرتدوا الاسود او ان يصيبهم الحزن و مرت سنوات تفرق خلالها كل منهم فى طريق ، سافر من سافر الى الخارج ، و انتقل من انتقل من المنزل تاركين اباهم وحده بحجة الدراسه او العمل فبالرغم من نيته للزواج اكثر من مره ، الا انه كان دائماً يتراجع فى اللحظه الاخيره
المثير للدهشه ان احداً من الابناء لم يتزوج لا الاولاد ، ولا البنات ، رغم تخطي بعضهم للثلاثين ، و بعضهم ما زال يدرس بالجامعه برغم تقدمهم فى السن بسبب الرسوب المتكرر ، اختار كل منهم ان يمضى حياته بالطريقه التى تروق له بدون مسئوليات من اى نوع ، و برغم محاولة اقارب الام استمالتهم او اعادتهم لحظيرة الاب مره اخرى الا ان كل المحاولات باءت بالفشل
كيف تلغى فى ايام تراثاً راسخاً داخلهم لسنوات ؟
كل ما احلم به و يحلم به كل من عرفها ، ان يثوب الابناء الى رشدهم ، و يترحمون على امهم التى كانت تريد لهم كل السعاده لكنها اخطات الطريق لذلك ، و يتذكرون اباهم العجوز و يطلبون من السماح ، قبل ان يصبح الوقت متاخراً جداً

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

شخصيات فى حياتى ..2

شخصيات فى حياتى فى هذه السلسله ، ساتحدث باسم الشخصيه ، و فى النهايه قد اذكر ارتباطى و علاقتى بها او قد لا اذكر لكن فى النهايه هناك شخصيات فى الحياه تستحق الوقوف امامها ، للتساؤل ، و التأمل ، و للتعلم
---------------------------------------------------------------------------------------------
اسمى ..... ليس مهماً ، سيده مصريه
ولدت لاجد نفسى الابنه الوحيده لاسره ثريه و كل اخوتى اولاد ، و عندما كبرت عرفت ان امى فقدت شقيقه لى ، قبل ان اولد
كانت طفلتها الاولى
و توفيت نتيجه لحادث مأساوى ، و بعدها ، انجبت امى عددا من الذكور على امل ان تنجب بنتاً ، و اتيت انا بعد الزمن الطويل ، لاحمل نفس اسم شقيقتى الراحله التى لم ارها
كانت حياتى مزيجاً غريباً من الدلال و القسوه ، دلال امى و ابى لى ، و فى نفس الوقت اكتسب خشونة طبع اخوتى الذكور ، حتى انى كنت اقص شعرى قصيراً مثل الفتيان و العب كرة السله والعاب القوى و غيرها من الالعاب العنيفه
و فى خضم كل ذلك ، كنت دائمة البحث
عن اخت
عن صديقه
لذلك ارتبطت بشده بصديقاتى من المدرسه ، خاصة بعد ان قضينا معاً عمراً طويلاً منذ الحضانه الى ان وصلنا للاعدادى
و مرت بى الحياه بعدها و انا احاول التمسك بكل صديقه و اخت حصلت عليها
احياناً كنت اجد صدىً لمشاعرى نحوهن ، خاصة ان كلهن كان لديهن اخوات ، الا انا
و احياناً اخرى كنت اجد بعض التجاهل الذى لطالما المنى كثيرا
و استمرت علاقتى بمعظمهن خلال سنى الجامعه ، باعترافهن ، ليس بسبب تمسكهن بى ، بل تمسكى الشديد بهن
و بعد تخرجى ، و زواج احدى اعز صديقاتى بعدة ايام ، و كانت فى شهر العسل لم تزل
تقدم لى عريس
لم تكن لى علاقات مع الجنس الاخر ، حتى ذلك الوقت ، فقط علاقات زماله بريئه
و حين تقدم لى هذا الشاب ، لم يكن به حقيقه ما يميزه سوى تلك الطيبه المشعه من اعماقه و تلك البراءه التى تجعله اقرب الى الاطفال
و عرفت ظروفه
كان مسافراً للخارج منذ سنوات قليله ، و لا زال يكافح ليبنى نفسه ، رفض بيع نصيبه من ارض ابيه التى الت اليه كميراث ، و قرر الاعتماد على نفسه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للذى اراد الخطبه : انظر اليها عسى ان يؤدم بينكما
و قد حدث ذلك بالفعل ، احسست به ، و احس بى ، و احبنى و احببته فى لحظه
و اتصلت بصديقتى ازف اليه الخبر ، انى ساخطب بعد يومين
رغم عدم رضا والدتى التى كانت لا تريد لى السفر و البعد عنها
لكن هكذا شاء الله ، حتى صديقتى نفسها اجفلت حين علمت انى ساسافر و اتركها
كان ارتباطى بها قد زاد و تعمق مع الزمن و اصبحت فى منزلة اختها
حتى انها قطعت شهر العسل و عادت مبكره لتحضر خطوبتى و تفرح لفرحتى
و مرت الايام بعد ذلك لذيذه و سريعه
حتى وجدت نفسى انزل من على سلم الطائره ، غريبه فى بلاد غريبه
و لا يؤنس وحدتى الا الرسائل المتبادله مع صديقتى هذه ، و المكالمات المتباعده
لم يكون الانترنت و الشات ممكنا مثل الان ، كانت الخطابات بينى و بين صديقتى ورقيه
منها عاشت حياتى و عشت حياتها
حتى دخلت عليها يوماً فى عملها ، كانت تكتب خطاباً
لى
و تبلغنى اخر اخبارها
حين و جدتنى اماها
صرخت من السعاده ، و انا ايضاً
كانت هى قد رزقت باول اطفالها ، و بعدها لحقت بها انا
دائماً ما تعجبت صديقتى ، كيف اترك بلدى و حياتى المرتاحه مع اسرتى لكى اعيش فى ظروف صعبه فى بلاد غريبه
لا اعرف فيها احداً ولا حتى احيا فى رغد من العيش ، اذ كان زوجى لم يزل فى طور التكوين و كنت اقف الى جواره مهما كلفنى الامر
رغم ذلك احضرت هدايا للجميع ، حتى صديقات القدامى ، تذكرتهم و لو بشىء بسيط
مرت ايام ، بل سنوات
رزقت خلالها بالاطفال ، و تحسن دخل زوجى كثيراً ، حتى انى بعد وفاة والدى رحمة الله عليه ، لم اضطر لاستخدام ميراثى منه
لكن زوجى كان كما رايته اول يوم ، كما رايته من الداخل ، طفل ،يحمل كل طيبة و براءة الاطفال ، لم يتركنى يوما ًاطلب منه ، بل كان يبادر بالعطاء حتى دون ان اطلب
من نعم الله على المرأه ان يعطيها الله زوجاً ، يعترف بجهادها و تعبها معه
اذ ان افة ذلك العصر ، ان كل رجل بعد ان يصل الى طموحاته و امانيه ، ينسى او يتناسى من صاحبه منذ البدايه ، و يتذكر فقط لحظات مجده الحالى
لعلى لا انسى لزوجى ان اول مال تحصل عليه ، اول مال حقيقى ، اصطحبنى الى بيت الله الحرام لاداء فريضه الحج
اتعلمون
كم سمعت ان اموال الحج مردوده باذن الله
لكنى لم اصدق الا عندما جربت بنفسى ، لقد افاء الله علينا من فضله اضعافاً بعد اداء تلك الفريضه
و لازلت بعد اكثر من ثلاثة و عشرين عاماً ، متواصله مع صديقاتى
ليس مهماً من منا حافظ على الاخر فى حياته
بل المهم ، اننا الان معاً ، صديقات و اخوات فى الله
ايضاً احرص على رضاء امى ، حفظها الله ، حتى مع اعتلال صحتها ، احاول ان تكون معى فى كل مصيف و اكون معها معظم اجازتى .
اكتب قصتى ، لتكون رساله الى كل فتاة ، اصبرى و اجتهدى مع زوجك
ليس مهماً ان يكون غنياً او فى منتهى الوسامه
بل المهم ان يراعى ربه فى كل ما يفعل
و حسبه ذلك ليصل و تصلين معه الى كل ما تريدين
لا تقولى هذا شاب لن يجعلنى اعيش كما اعيش فى بيت ابى
اسالى امك كيف عاشت فى بداياتها و لا تطلبى ممن لم يتخط الثلاثين ان يوفر لك ما يوفره شيخ بلغ الستين
و احرصى على مراعاة ربك فى كل تصرفاتك ، و لا تضيعى كنز الصداقه اذا الايام يوماً اعطتك اياه
==============================================
ساذكر علاقتى بتلك الشخصيه ، اكرمها الله و حفظها هى و ابناءها و زوجها
هى صديقتى الحبيبه منذ اربعة و عشرين عاماً
التى تركت ابنها فى الغربه و نزلت مبكره عندما علمت بوفاة اخى رحمة الله عليه العام الماضى
و التى قطعت شهر العسل ، لكى اكون الى جوارها يوم خطبتها
و التى صرخت من فرحتى يوم وجدتها امامى بعد طول غياب
لم استئذنها لكتابة تلك السطور ، لكنى اعلم ان ما يسعدنى يسعدها
و ليس هناك ما يسعدنى اكثر من ان اتحدث عنها و عن تاثيرها فى حياتى
لقد علمتنى معنى الصداقه الحقيقيه ، معنى ان تعطى بلا ان تفكر فى الاخذ ، و معنى ان تصل من قطعك حتى ولو لسنوات ، و معنى ان تحس بغيرك ، و ان تكون الى جوار من تحبهم فى الامهم قبل افراحهم

الاثنين، 6 أكتوبر 2008

شخصيات فى حياتى

فى هذه السلسله ، ساتحدث باسم الشخصيه ، و فى النهايه قد اذكر ارتباطى و علاقتى بها او قد لا اذكر
لكن فى النهايه هناك شخصيات فى الحياه تستحق الوقوف امامها ، للتساؤل ، و التأمل ، و للتعلم
---------------------------------------------------------------------------------------------
اسمى عاشه ، لكن لم يدعنى احدهم يوماً بهذا الاسم ، اذ انه بالعاميه المصريه عيشه ، و كان ذلك اسمى بين الناس
عيشه

ولدت لاجد نفسى وحيدة ابوى ، و كان ذلك نادراً فى الثلاثينات حين ولدت حيث كان لكل اسره من اسر الجيران خمسة اطفال على الاقل
لكنى تغلبت على ذلك بصداقات عديده مع البنات فى المدرسه و فى المعهد بعد ذلك
حين كنت فى الثانية عشرة حصل لى حادث زلزنى و اثر على حياتى للابد
كنت عائدة الى منزلى سيرا على الاقدام ، و كان ذلك ميعاد اغلاق كوبرى المشاه المتحرك حتى تمر القوارب من النهر الكبير الذى يخترق البلده
تراجعت صديقاتى الى الوراء ، لكنى لم افعل
اقدارى سمرتنى فى مكانى حتى اشاهد القوارب
و بدا الكوبرى فى التحرك ليتم اغلاقه
و بدأ صرير التروس يدوى ، غطى ذلك الصرير على صوت صراخى
لقد كنت اقف عند مفصلة الكوبرى التى تغلق بالضبط
و اغلقت على ...............
قدماى
الم فظيع و نافورة دماء متفجره انبثقت من قدماى
اغمى على و لم افق الا بعدها بساعات طوال

عرفت و ليتنى لم اعرف ان احدى قدمى تم استئصالها حتى الكعب ، و الاخرى راحت اصابعها و بقى لى بقية قدمى
لاحيا مشوهه طوال حياتى

لكن كل الامى و احزانى لم تكن لتساوى شيئاً الى جانب انهيار امى و ابى التام
لكن كنت كل ما لديهما فى هذه الحياه ، ولدت صغيرة الحجم و مريضه
لكن مع الايام اشتد عودى و حمدا ربهما على انى معهما
و الان يحدث ذلك ، اعيش مشوهه ما بقى لى من عمر

اضطررت بعد ذلك للتعامل مع صانع احذيه معين ، كان يصنع لى حذاءً ذى رقبه طويله حتى لا يخرج من قدمى التى اصبحت عباره عن كعب فقط ، غير عرج خفيف فى مشيتى

واصلت دراستى بنجاح كبير ، مما اهلنى بعدها للالتحاق بمعهد للحكيمات
ما هى الحكيمه ؟
قد لا يعرفها جيل هذه الايام
ليست ممرضه بل ارقى ، و ليست طبيبه بل اقل
فى ذلك الوقت ، كان الاطباء معظمهم رجالاً ، و طبيعة نساء بلدتى الصغيره كانت تأبى التعامل مع الرجل حتى ان كان طبيباً ، لذلك راجت مهنتى و اكتسبت احترام كل من حولى ، و كانت جهودى تتركز فى التوليد و متابعة الاطفال ، عملت كرائده ريفيه فى القرى المحيطه ببلدتى و فى كل مكان كنت اكسب الكثير من الحب و الاحترام

ولكن

لم اتزوج ، مات والدى ، و تبعته والدتى راضية عنى لكن حسيرة

فتاه فى الخامسه و الثلاثين فى ذلك الوقت كانت ماساه

لكن لم قد اكون مطلوبه من الرجال
انى اعمل ، و كان ذلك عاراً
كما انى لست جميله ، و لست غنيه ، و مشوهه القدمين
و فى وسط ذلك كله ، حدثت المعجزه

احببت

شاب فى الخامسه و العشرين ، اسرنى بعينيه ، و احببته دون ان اعرف عمره و ان كنت متاكده انه يصغرنى بكثير

و طلب الى الزواج

ترددت كثيراً و استشرت صديقاتى اللائى كان بعضهن مثلى تماما بدون ونيس

وكان مجمل ردودهن انى يجب ان اوافق ، حتى لو عشت معه سنوات قلائل ، اهو احسن من مفيش على حد قولهن
اغمضت عينى عن طمعه الظاهر فى دخلى ، و عن تطلعه للسفر معى للخارج حيث كنت رشحت للعمل خارج مصر ،
و تزوجته

وساعة عقد القران عرفت عمره الحقيقى ، ياااه ، عشر سنوات فرق ؟
هل سيتحملنى حين اكون فى الخمسينات و هو لازال فى عز الاربعينات ؟
للاسف لم اتساءل تلك التساؤلات وقتها
اعمتنى الفرحه بذلك الشيخ المعمم و دفتره اللذان حلمت بهما ليال طول

سافرت معه للسعوديه ، او بمعنى اصح سافر هو معى
و هناك عملنا باقصى طاقتنا
مرت ايام عسل و سنين شقاء
و معايره عند اى هفوه بعاهتى و سنى و اكليل على رأس احزانى ......... عدم قدرتى على الانجاب
اديت العمره مرات و حججت مرتين و ذلك كان مكسبى الحقيقى من تلك الرحله

و اعاننى الله على تحمل اقدارى صابره الى ان عدنا الى مصر بثروه ، صحيح انها تافهه لكنها كانت بالنسبة لنا ضخمه جدا
اشتريت شقه و عشنا فيها سوياً ، و كنت وصلت للخامسه و الاربعين ، وهو فى الخامسه و الثلاثين
و احسست باحساس الانثى الذى لم تحرمنى منه عاهتى او حتى عقمى ، انه يريد الزواج

بكيت

ليال طويله ، كم حلمت بالانجاب ، كلما ولدت امراة و رايت طفلا صغيراً يبكى على يدى ، حلمت بان يكون لى مثله

و الان يجب على ان اختار ، هل اشرب على القذى و ارضى بزواجه الذى بدأ يصرح فى رغبته به
ام
انفصل عنه و امضى باقى حياتى وحيده

لا اخ ، لا اخت ، ليس هناك الا صديقه واحده ظلت معى من ايام المعهد و لم تتزوج
لكنها كانت محاطه باولاد و احفاد اختها اللاتى ربتهم معها و يعتبرونها كام لهم

لكن انا ، من لى اذا تركته
و بعد تفكير طويل
وافقت على زواجه ، بل و ساعدته ببعض مالى الخاص كي يتممه

و ابتلعت مراراتى و هو يقضى عندها معظم الايام ، بدون اعتراض
فهى العروس الجديده الشابه
و انا العجوز التى اكل عليها الدهر و شرب
لذا اخذت حصتى فى الايام تتضاءل
حتى اصبح يزورنى مره و احده اسبوعياً لياخذ منى مالاً ينفقه عليها
و اكتفيت بتلك الزياره ، ان اجد من يطرق على الباب كان منتهى املى

و دخل على ذات ليله متهللاً : ان زوجته حامل

صدقونى لم احس بمراره ، و ياللغرابه ، احسست انه ابنى و ان القادم حفيدى
و هنأته من قلبى بل و ذهبت لزوجته و هنأتها

و اخذت تنظر الى نظرات احتقار ممزوجه باشفاق اعرج ، كأنها ترثى لعجزى و تقدمى فى السن ، و نظراتها لزوجها تنم عن سؤال واحد يتردد
ما الذى اعجبك فيها ؟

و حين حل ميعاد ولادتها ، طلبت من زوجى ان اساعتدها فى الولاده
رفضت هى بعنف ، كانت تتخيل انى ساخنق الطفل او اقتله حتى احرمها املها

سامحها الله ، كنت وصلت لمرحلة الاحساس بان حسين هو ابنى و ليس زوجى ، و هى زوجة ابنى ، لكن هيهات ان تحب احداهن حماتها ، ناهيك عن ان تحب ضرتها

و مرت الايام و السنوات ، عشرون عاماً بالتمام ، اعتدت خلالها ان اساعده بمالى كلما استطعت حتى يربى الخمسة ابناء الذين انجبهم بعد ان اضاع كل مدخراته و معظم مدخراتى فى مشروع فاشل ، و كنت اسمع حديثاً من خلف ظهرى عن تمنى زوجته لوفاتى حتى ترثنى ، و حتى تنفك ضيقتهم على حد قولها ، لكنى رغم ذلك لم اطلب الا ان يسامحها الله
و افرح باليوم الذى يحضر فيه لرؤيتى و معه احد ابناؤه ، و اصبح ابناؤه ينادوننى تيته ، كم كانت سعادتى غامره بذلك النداء
و حين لاحظت زوجته انى انفح من ياتى معه من ابناؤه بعضاً من المال
اصبحت تتعمد ان تبعثهم معه فى كل مره ، و انا ازيد من النفحات حتى لو لم اجد ما اكله ، يكفى ان اجد من يحبنى و يدعونى تيته

و فى يوم ، دخل على و الحمى تأكله ، و حرارته تتجاوز الاربعين
هلعت عليه ، و اخذت امرضه و اجرى له الكمادات و الاسعافات
لكن بعد دقائق
صعدت روحه الى بارئها


يا سبحان الله ، اردت ان تمد عمرى بعده يا رب و قد كانوا يتمنون موتى انا
من لى بعده الان ، من سيطرق باب منزلى ، خاصة بعد وفاة صديقتى الوحيده وسط احفاد و ابناء اختها

حين اموت ، هل سيعلم احد بموتى ؟
هل سيحسون بى ؟
ام ستتحلل جثتى فى مكانها دون ان يفتقدنى احد ؟

لا ، لن يحدث ، بعد العزاء ، ذهبت بنفسى اليها

الى ضرتى
و لأول مره اجد فى عينيها نظرة اخرى غير تلك النظره المتكبره
نظرة انكسار
كان منزلها ضيقاً رطباً ، بعكس شقتى
طلبت اليها انت تأتى لتعيش معى
رفضت ، معلنه انى تعودت على وحدتى و ان الاولاد سيسببون لى الازعاج

كان لديها بعض الحق ، لم اكن لاتحمل فى سنى هذه دوشة الاطفال و صخبهم
لذلك قررت ان امدها بمصروف شهرى ، و ان اتنازل عن نصيبى فى معاش زوجنا لها و لاولادها

لاول مره اراها تبتسم فى وجهى ، و احتضنتنى قائله ، انها ظلمتنى كثيراً لكن حسين طالما دافع عنى

لكنى فى المقابل طلبت اليها طلباً و احداً
ان يمر على كل يوم احد ابناءها للاطمئان على ، حتى لا اموت وحيده ، و اوصيت لابناءها بكل ذهبى و مالى بعد ان اموت

مرت الايام ، عشرون عاماً بعد وفاة حسين ، تزوج فيها ابناؤه ، و جهزنا البنات انا و ضرتى سوياً ، لم اصدق ان اعيش حتى اتخطى الثمانين ، و اصبح ابناؤة ياتون لزيارتى و معهم ابناؤهم ، كان بيتى هو بيت الجده ، مثل بيت امهم
بل انها بعد زواج ابناءها جميعاً ، اختارت ان تاتى لتعيش معى فى بيتى

ادفع بالتى هى احسن عسى الذى بينك و بينه عداوه كانه ولى حميم

تلك كان حكمة الايام التى تعلمتها ، و ها انذا ، فى عامى الرابع و الثمانين ، اقضى وقتى فى الصلاه و ذكر الله ، و اذهب لرحلات المسنين مع اختى او ضرتى السابقه
اللهم احسن ختامنا جميعاً يا الله
----------------------------------------------------------------------------------------
طبعاً النهايه لم تكتبها الشخصيه
ساكتبها انا ، توفيت بعدها طنط عيشه ، راضيه مرضيه ، عسى الله ان يغفر لها و يرحمها و لن اتوقف عن الدعاء لها يوماً

كيف عرفتها ؟
كانت اول وجه قابلنى حين اتيت الى الحياه ، كانت هى من جذبتنى من بطن امى حين حانت ولادتها ، و اتت هى بدلاً عن خالة والدى صديقتها الوحيده رحمة الله عليها ، لانها كانت مسافره فى ذلك الوقت
و قد عرفتها و انا طفله ، و سألت خالة والدى عن حذاءها الغريب ، و لما ذا لا تخلعه الا حين الصلاه و تحرص على الا اراها تخلعه ؟
و ردت على جدتى ( خالة والدى لكن هى جدتى الحقيقيه ) بقصتها و ما جرى لها
عسى ان يتعلم الانسان و يعتبر
انها رحله ، ندخلها و نخرج منها
ترى من فينا سيكون له فيها أثر ، و سيدعو له الاخرون بعد وفاته ؟
احرص على عمل الخير ، عسى ان تجد يوماً ما من يدعو لك ، حتى دون ان يعرفك
لانى متأكده انكم جميعاً ستدعون الان لهذه السيده العظيمه بالرحمه

ده لينك القصه على جروب حواديت
للى يحب يسيب تعليقه هناك
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5302&post=23885&uid=13903312282#post23885

Template by:

Free Blog Templates