الأحد، 31 مايو 2009

الحلقه الثانيه : ذكريات رحلة الحج

كان الطواف للمره الاولى حول الكعبه حوالى الساعه العاشره صباحا ، و الشمس تلهب رؤوس الناس ، لكن من يشعر ، كلنا فى رحاب الله ، و لا اشعر الا بالدموع تغرق عيناى كل حين ، حين اذكر الله سبحانه ، و اذكر عظمته و قدرته

و حين اتضرع له ان يرحم اخى ، و ان يهدىء امى و يجعلها تسعد بحياتها مره اخرى و تتوقف عن عد الايام حتى تلحق به

لان الله وحده يعلم انها قد تكون اياماً طويله ، و قد حدث هذا مع امها و هى جدتى ، فقدت خالى الوحيد و هى فى سن امى ، و عاشت بعدها ثلاثين عاماً و لا تزال على قيد الحياه متعها الله بالصحه

و اتساءل فى طوافى ، هل من الحكمه ان اطلب من الله طول العمر و الاجل لى او لأى انسان غيرى

لقد طال عمر جدتى العزيزه حتى رات ابنها ثم حفيدها يتوفى ، هل هذه فعلاً ميزه ؟

و اعود و استدرك ، قد تكون !

فمن يعلم كم يغدق الله على الثكالى و المحزونين الصابرين من نعمه الكثيره خاصة اذا طال امد صبرهم

و دعوت لبناتى بالهدايه و الرشاد ، ثم اخرجت نوتتى الصغيره التى كانت مثار تعجب كل من راها

انها نوته دونت بها اسماء كل من طلب ان ادعو له ، سواء من اصدقاء الانترنت او اصدقائى الاخرين او اقربائى حتى اصغر اطفال عائلتى

و بدأت ادعو من قلبى لكل منهم بكل الخير ، و لم احس ان الشوط السابع قد انتهى بالفعل ، و انه حان الوقت للسعى بين الصفا و المروه

و انطلقت مع زوجى الى هناك ، بعد ان شربنا ماء زمزم

و تخيلت السيده هاجر امامى ، و هى تجرى وراء الامل مرة بعد مرة ، حتى بلغت سبع مرات ، ثم افاء الله عليها بعدها و على ابنها بالماء ، الذى كان سر الحياه فى تلك البقعه القفر منذ تلك اللحظة الى يومنا هذا

و رايت منطقة غريبه ، كانت كانها طين مبلل حتى انى خشيت ان يبتل جوربى ، لكنى حين دققت النظر ، و جدتها متجمده ، و قيل لى ان هذا هو المكان الذى تفجرت منه المياه بقى كما هو حتى يومنا هذا

و بعدها كنت بدأت احس بالتعب ، صليت العصر فى رحاب الكعبه ، ثم ذهبت للفندق ، و بعدها لم احس بشىء طيلة عدة ساعات ، لكنى حين صحوت من نومى ، و جدت جسدى كانى امضيت يوماً فى الجيم بعد سنوات من الانقطاع عن الرياضه

كل حته فيا مدغدغه ، رغم انى كنت عمالة اجرى زى القرده فى السعى ، مش عارفه ايه اللى حصل و الله العظيم

و نزلت للسوق انا و زوجى كى نحضر بعض الطعام

ملاحظات عامة :

اولاً : كنت فاكره نفسى بالانجليزى و الفرنساوى بتوعى دول باتكلم لغات ، اتضح انى عشان اتفاهم مع اى حد فى مكه لازم اتكلم لغات تانيه خاااالص ، هندى ، اوردو ، اندونيسى ، افغانى ، كده يعنى ، و انا مش باتكلم عن البشر فى الشوارع لان دول من كل الجنسيات ، لا باتكلم عن صحاب المحلات ، ولا شخص بيتكلم عربى ، ولا انجليزى طبعا انت بتحلم ، كله بروم برى كرى كرى اهوها ، و هزتين بالراس و السلام عليكم

ثانياً: كنت فاكره برضه ان معظم المسلمين من العرب رغم معرفتى ان اكبر دوله اسلاميه هى اندونيسيا ، لكن اللى شفته هناك خلانى افصل تماما بين كلمة العروبه و كلمة الاسلام

ثالثاً : اكثرحملات الحجاج تنظيما و فعلا اثارت اعجابى ، الاتراك و حجاج شرق اسيا ، لا يسيرون الا فى تجمعات و لهم رئيس يحمل علماً و فى الغالب يرتدون زياً موحداً و كان زى الاتراك كله من اللون البيج نساء و رجال ( خارج وقت الاحرام طبعا) اما حجاج شرق افريقيا فكانوا يرتدون زياً موحدا ملونا مزركشا اعاد الى ذكرى كاس الامم الافريقيه و غالبا ما كان يحمل الزى خريطة و علم البلد ، عشان لو حد تاه يروح مشى ، ما هو معاه الخريطه

رابعاً : كنت فاكره نفسى باحب اوى الاكل الهندى و الحراق و الحاجات دى ، لكن طلعت باحبه فى مصر بس لما يكون نادر ، لكن هناك روائح التوابل و الطعام الهندى كانت تملا الجو لدرجة انى لما لقيت بيتزا هات ، صرخت قائلة ( قهوة المصريييط ) على راى عوكل صحيح البيتزا مش اكله مصريه ، لكن احنا حاننهب ؟ اهى حاجه متعودين عليها و ما فيهاش توابل هندى و السلام

خامساً : لو ظروفك السيئة دفعتك انك تدخل الحمام فى مكه ، اوعى تروح حمام فى مول ، روح الحمامات العموميه خارج الحرم اخر نظافه ، او روح الحمام ابو خمسه ريال فى ابراج الحرم ( اه والله سبعة جنيه و نص ) ، لكن غير كده .............. مش حاتكلم

مضى يومان على العمره الاولى ، و حين استفتيت اهل العلم فى مكه ، افتونى ان من حقى ان اعيد احرامى بعد ثلاثة ايام من الميقات ( مسجد التنعيم بمدخل مكه ) و ذلك بنية عمل العمره لاخى الحبيب رحمة الله عليه

احرمت انا و زوجى ، انا بنية العمره لاخى ، و هو بنية العمره لوالدته رحمهما الله و رحم موتى المسلمين

و فى تلك المره بدانا العمره ليلا

و كانت امتع مره فى الاربع مرات التى طفت خلالها بالكعبه ، ان الروعه كلمه قليله لتصف تلك اللحظات ، احسست ان احمد معى يمسك بيدى و انا اطوف ، بل انى اقتربت من الكعبه و لمستها ، ولم يكن ذلك ممكنا بحال فى اى من المرات الاخرى ، لكن الله سهلها لى و لزوجى لحكمة يعلمها هو ، و قمت مره اخرى بتلاوة الدعوات لكل من اوصانى ، كانها على لسان احمد رحمة الله عليه ، كيف لا ؟ الم اكن اؤدى العمرة كلها له و باسمه

و حمدنا الله بعد انتهاء الطواف و من بعده السعى و بدأنا الاستعداد للذهاب الى عرفات ، كما عرفنا ، الحج عرفه ، و تلك هى اهم المناسك قاطبة

و بحمد الله تعالى وصلنا ، معسكر كبير به الاف و الاف من الخيام لتسع ملايين الحجيج القادمين من كل فج عميق

و حين افترشت التراب حتى انام ، و وقفت فى طابور كى اتوضا ، و قمت قبل الفجر اعسعس حتى اذهب للحمام على بعد عشرات الامتار و اتوضا للفجر

علمت و ادركت بعض من حكمة الحج

كما يعلمنا الصوم ان نجوع ، رغم ان معظمنا لم يعرف الجوع ، يعلمنا الحج ما هو شعور من يعيش ابدا تلك الحياه

اول من خطروا بذهنى كانوا سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين و ذاك حالهم من سنوات ، و بعدهم فقراء بلدى الحبيبه ، من سكان الايواء العاجل او ضحايا صخرة الدويقه او من فقدوا بيوتهم فى الزلزال

انى الان هنا و اعلم تمام العلم انه باذن الله وضع مؤقت و سرعان ما اعود لسريرى و حمامى الخاص ، لكن ما شعور من يحيا تلك التجربه و هو على يقين انه ما لم تحدث معجزة من السماء ، فسوف يظل فى مكانه حتى يشاء الله

و مكثنا يومان فى عرفه ، وجد خلالهما زوجى كنزاً رائعاً ، واحد بيبيع بيض مسلوق

تخيلوا ؟

انا لا اكل البيض المسلوق الا لو كنت اتبع نظاما غذائيا ، لكنى مع ذلك وجدته احلى من ... احلى من .... و الله ما نا عارفه احلى من ايه ، اهو حاجه سخنه و خلاص ، اقولكم ، احلى م البطاطا السخنه فى يوم برد هاهاها

واقترب ميعاد الرحيل من المخيم للذهاب الى منى لرمى الجمرات ، و يسبقها التوقف بمزدلفه لجمع الجمار

و كان الضغط على الحمامات رهيبا ً و كنت علمت ممن سبقونى ان المسافه قصيره الى منى لكنها تستغرق ساعات طوال

و كانت الحمامات فى معسكر المصريين قد وصلت لحالة يرثى لها ، لذلك قررنا القيام بمغامرة مع صديقاتى

دخلنا الى المعسكر المجاور ، و كان لحسن حظنا معسكر

لبنان

شفتوا الحلاوه بقه

طبعا كان حمام السيدات به حوالى ثلاثه او اربع سيدات فقط ، و كن فى غاية الذوق و دلونا على انظف حمام لديهن ، بالرغم من علمهن من لهجتنا اننا لسنا من نفس المعسكر ، لكن الناس لبعضيها برضك ، و طبعا لم الم على المصريات فى معسكرنا ، لكنى لمت بشدة على الزحام ، كلما زاد العدد كلما قلت الخدمات التى يمكن توفيرها لهم ، ليتنا نعى ذلك و نفهمه

ليتنا نعى ان الاسلام ، ليس فقط ما يخص العبادات ، لكنه دين الحياه ، دين النظافه ، هل سمعتم عن اى دين له كود للنظافه و نظام معين للاغتسال و التطهر غير الاسلام ؟

و مع ذلك , اجدنا اقل حرصا ًمن غيرنا على تلك القيم التى هى اصلاً من صميم ايماننا و عقيدتنا

لذلك فوجئت حين دخلت الخيمة علينا فى عرفات ، سيدة شابه منتقبه للتحدث عن الدين ، تصورت فى البدايه انها ستساعد الاميين على فهم مناسك الحج او حتى تردد ادعيه لتساعدهم كما كنا نفعل مع معظمهن ممن لا يستطعن القراءة سواء بسبب الاميه او ضعف البصر و الكبر

فوجئت بهذه الفتاة تتحدث عن ... عمل الحواجب و حرمته الجباره و كيف انهم اكتشفوا ( مش عارفه مين دول اللى اكتشفوا ) انه يضعف البصر !!

انا لست ضد هذا و اعلم حرمة ان تغير المراه من شكل حاجبيها ، لكنى اعلم ايضاً انه لا علاقة لحدة الابصار بجلد الحواجب و لمؤاخذه ، و ان تلك طريقة رخيصة للضحك على البسطاء و لا حاجة لنا بها ، اذ يكفى ان نعلم انه امر الله و رسوله كى نتبعه

كنت اريد ان الفت انتباهها لتنظر حولها ، سيدات تخطين الستين او اكثر و لم تعد لديهن مشاكل من تلك الناحيه اساسا اذ نحلت حواجبهن مع الزمن ، حقاً لكل مقام مقال ، لكن من يفهم ؟

و حين سالتها احدى السيدات ، هل يحل لها ان تغير ملابسها و تستحم ثم تعيد ارتداء ملابسها مره اخرى دون ان تفسد احرامها

( و طبعا هذا حلال من قراءاتى لعدد من الكتب استعدادا للحج ، على شرط عدم مس الطيب ) صعقت حين ردت تلك السيده الشابه انها ليست مفتيه ، و انها حافظة حاجه عن الحواجب و جايه تقولهالنا !!!!!! و مش جايه ترد على اسئلة حد ؟!!

هنا جن جنونى ، و قلت لها ، سيدتى ، كلميهم عن النظافه دى مش محتاجه حفظ ، كلميهم عن الغيبه و عن النميمه التى تحبط اعمالهن الصالحه ، كلميهم عن اخلاص العمل لله سبحانه و تعالى و ابتغاء و جهه ، و بعدين انت كمان جايه تحجى و الموضوع مش محتاج مفتى الديار عشان نعرف ان من المباح اننا نستحم و نغير ملابسنا ايضاً ، الرحمه كويسه

و حين وجدت انها سوف تجادلنى و اجادلها ، صمت تماما و تذكرت انه لا جدال فى الحج ، و عدت الى نوتتى المفضله لاواصل الدعاء لكل من عرفت فى حياتى بكل الخير

اما هى فبدأت تتكلم فى موضوع مهم جداً ، ان كل واحد لما يرجع بلده لازم يغير الصحبه عشان دى كانت صحبة سوء و يبطل يسمع اغانى عمرو دياب و حماقى ..............

حان ميعاد الرحيل الى المزدلفه ( رغم ان السائق اصر انها المنزلفه ) و كان معنا شاب كدليل للطريق ، اوقفنا على جانب الطريق و طلب مننا النزول لجمع الجمار و الصلاه فى المشعر الحرام كما اسماه الدليل

و حين نزلنا وجدناه مجرد معسكر للجيش السعودى مكتوب عليه ذلك بالبنط العريض و تعجبت من قدرة بعض البشر التلاعب بالناس فى مواقف مثل هذه

و بعد جمع الجمرات ظللنا بداخل الاتوبيس لمدة ........................ لن تريدون ان تعرفوا ............. اثني عشر ساعة

اه و الله العظيم فى مسافه تتاخد مشى فى ساعة ، و بدات نوبات الهلع تهاجم كبار السن فى الباص ، و منهم من اخذ فى البكاء ، اما انا فاصبت بنوبة اعياء و دوخة شديده بسبب رائحة عادم حوالى مئة الف باص على الطريق و لم يجدى معى اى محاولات لاخراجى من تلك الحاله التى استمرت حوالى سبع ساعات متواصله ، لكنى احتسبت كل ما نمر به عند الله تعالى و ادركت انه لا بد رافع غضبه عنا و مسامحا ايانا باذنه

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, يتبع

Template by:

Free Blog Templates