السبت، 3 يناير 2009

الرحله : ذكريات و حكايات ( الحلقه الاولى )

الحلقه الاولى : البدايه
متى ظهرت فكرة الحج على السطح وبدأت تطغى على تفكيرى و تراودنى بشده ؟
ظهرت منذ حوالى تسع سنوات ، وقتها كنت املك مبلغا حوالى عشرة الاف جنيه ، و بدات افكر فى احسن و اوفق مكان اصرف فيه تلك الاموال و قبلها لم يكن لدى مال يسمح لى بذلك الحلم
ذلك ان الادخار عندى ليس خياراً من الاساس ، بالعربى ما باحبش احوش
فكرت كثيرا و مليا ، اين انفق اول مبلغ مالى تجمع لدى من عرق جبينى شخصياً ؟
اشياء كثيره مرت ببالى ، شراء سياره ، تغيير المطبخ ، شراء اطقم صينى للبنات ( هاهاه قال يعنى باجهزهم و كانت الصغرى عمرها عدة اشهر )
و بعد كل ذلك تذكرت واقعه شهيره فى عائلتنا ، كانت خالة ابى رحمة الله عليها تملك قطعة ارض مبانى اشترت المتر فيها بجنيه ( سنة حاجه و خمسين على فكره )
ثم حدث ان ارتفع السعر الى خمسة جنيهات للمتر و كانت الارض حوالى المائتان و خمسون مترا
فكرت رحمة الله عليها فى ذلك المبلغ الذى سيعود عليها ان هى باعتها ، و لم يكن لها زوج ولا ولد ، ثم حزمت امرها
باعت الارض ، و كان الناتج حوالى الف و مائتى جنيه بعد مصاريف السمسار ، وفكرت كما فكرت انا ، و قررت
الذهاب للحج ، فى ذلك الوقت كان المبلغ يكفى و زياده ، و اشترت بالباقى هدايا لابناء اخوتها
بعد سنوات طويله و بالتحديد فى بداية الالفيه الجديده ، كانت هى قد توفت الى رحمة الله تعالى ، و سمعت من احدى صديقاتى ان ارضاً ملاصقه لارض جدتى بيعت
بكم ؟
بخمسة الاف جنيه للمتر ، اى ان قطعة الارض اصبحت تساوى مليون و ربع
يا الله ؟ ما هذا المبلغ الوهمى ؟ هل يعقل انها باعتها فقط بواحد على الف من ثمنها
ثم تذكرت انها ذهبت بتلك النقود للحج ، ماذا كانت ستجديها الاموال لو جاءتها بعد فوات الاوان و ماتت و هو مقصره فى فرض من فروض الله و ركن من اركانه ، او لو كانت احتفظت بالارض حتى توفت و استفاد منها كل من تعرفه الا هى شخصيا؟
و هل يساوى اكمال الركن الخامس من اركان اسلامنا ملايين الدنيا ؟ لا و الله ، انه يفوقها
لقد اختارت جدتى الاختيار الصحيح ، لذلك قررت فى ذلك الوقت ان اذهب للحج بتلك الاموال و ليكن بعدها ما يكون
لانى ايقنت فعلا ان احسن استثمار ممكن ، هو الاستثمار مع الله سبحانه و تعالى
من ذا الذى يقرض الله قرضاً حسناً ، يضاعفه له
لكن للاسف
كانت نفقات الحج حوالى الخمسة عشر الفا
و لن اطيل عليكم ، جرت السنوات بعضها ، و غلبتنى الحياه على امرى ، اذ انى احتجت بعد ذلك لتغيير مسكننا و مساعدة زوجى فى تلك الخطوه و بعدها تضخمت الاسعار بشكل مذهل بحيث كلما وصلت مبلغاً و جدت نفقات الحج السياحى تفوقه بمراحل
و اسلمت امرى الى الله ، مع رجائى الدائم فى وجهه ان ييسر لى الحج
و كل عام كنت انتظر على احر من الجمر بداية موسم الحجز كى اقنع زوجى ان نحاول الذهاب
لكنه كان بشكل ما يتعذر علينا ذلك
حتى جاءت تلك السنه ، الفان و ثمانيه ، و قدر لى الله الا يكون معى مليماً واحدا من تكاليف الحج ، بل على العكس ، دين كبير بسبب تغيير سيارتى و اقساط لا يعلم مداها الا الله
و هنا ، فى هذه السنه التى لا املك فيها من حطام الدنيا شيئاً ، اعلمنى زوجى انه قدم لى انا و هو على حج القرعه
ولم اكن اعلم كنهه من قبل
لكنى علمت انه منخفض التكاليف ( بكام يعنى تمانيه جنيه ؟ طبعا لا، و انا حتى التمانيه جنيه دول مديونه بيهم ) كان ذلك ردى على زوجى بين دموعى لانى ولاول مره من تسع سنوات لا املك شيئا على الاطلاق
و علمت منه انه فعلا مخفض للغايه ، و انه لو وفقنا الله اليه ، سيدفع لى و له
يا ما انت كريم يا رب
و دعوت ليل نهار ان يستجيب الله لنا و ان نستطيع الذهاب ، لكن وقف امامنا شرط السن ، اذ كان حج القرعه ينتقى دائما كبار السن الذين تقل فرصهم عاماً بعد عام و يرجىء الشباب حتى حين
لكن الله وفقنا الى استصدار استثناء لشرط السن ، لانه من المسموح ان يحدث استثناء ، حتى لا تكون الرحله كلها من العجائز بل يكون هناك نسبه ممن يمتلك القدره على مساعدة غيره
و فى ليلة رائعة ، جاءنا الخبر الاروع ، بعد طول انتظار و ابتهالات الى الله ، و فى الوقت الذى كان الحج بعيدا عن احلامى
It came when it was least expected and that made it far greater
كتبه لنا الله و وفقنا اليه ، حقاً انها دعوة ابراهيم منذ الازل ، لا يزال يلبيها مسلمى الارض عاماً بعد عام
و بدأت رحلة الاستعداد
الملابس البيضاء احضرتها لى امى ، ضحكت حين رايتها و قلت ( انا حاخرج بقمصان النوم البيضاء دى يا ماما فى الشارع ؟)
ردت هى على ان بامكانى ان ارتدى اللون الاسود لكنها طلبت منى الانصات اليها لان الابيض افضل
فقررت ان اخد النوعين ، ابيض و اسود
اما زوجى فكان همه الازلى ، كيف سيقوم بتثبيت بشاكير الاحرام ، و هل ستبقى مكانها ؟ و كان دعاؤه الدائم ان يكفيه الله الفضائح
و بعد نهاية رحلة الشراء ، اتفقت مع امى على ان تمكث مع بناتى فى شقتى لقربها من مدرستهم و ان تاخذ اجازه من عملها
و قالت انها اخذت اجازه اسبوعا و سيليه اسبوع العيد ، و هو ايضا اجازه
فحمدت الله و انا اقدر ان الموضوع لن يستغرق اكثر من اسبوعين
و جاءت المفاجاة الكبرى ، خمسه و عشرون يوماً ، ده نظام القرعه لو كان عاجبنا
طيب ما فيش حل ابدا نرجع بدرى شويه
لا لا لا
يجب تغيير التذاكر من شركة الطيرا ن بالاضافه الى الحصول على موافقة المطوف
ايه المطوف ده كمان ؟
انه رجل كل ميزته انه يحمل الجنسيه السعوديه ، تقوم الحكومه بتكليفه برعاية الحجاج و اعداد تنقلاتهم و مبيتهم و تعريفهم الاركان ، و لا يحدث من ذلك اى شىء ، انه فقط يكون مسئولا عن القطيع حتى لا يفر منه احد ، و يقوم بحجز جوازات سفرنا عنده حتى لا ننتهز الفرصه و نهرب الى داخل السعوديه او نتقاعس عن العوده و نتاخر
يا اخواننا مش عاوزين نتاخر عاوزين نتقدم
و كانت الاجابه انتظروا حتى تنهوا الحج و نشوف
و سافرت و دموع بناتى فى وداعى ، و كذلك امى ، و دعاءها لنا ان يتقبل الله منا
و ذهبنا الى المطار انا و زوجى بملابس الاحرام
و ركبنا الطائره التى كانت اشبه بالاتوبيس الكبير جدا جدا حيث كان عليها اعداد مهوله من الحجاج تهتف لبيك اللهم لبيك
و بعد ساعة الا ربع
نزلنا فى مطار جده
قرية الحجاج
انها مبنى كبير يقوم فيه الحجاج بالانتظار حتى يتسنى لهم الانتقال الى مقار اقامتهم فى مكه المكرمه
ولن اطيل عليكم ، نزلنا فى المطار الساعه الخامسه عصراً
و وصلنا الى الفندق ايضا فى الخامسه ........................ فجر اليوم التالى
و اثناء ذلك علا نحيب و بكاء احدى السيدات تتذمر و تشكو من طول الرحله و طول الانتظار فى الطرق
و كان ردى عليها ( طيب اللى كانوا بييجو على الجمال من بلدهم ؟ على الاقل احنا فى باص و مكيف ، نحمد ربنا ولا ما نحمدش ؟)
و وصلنا الى الفندق بعد الشروق بقليل ، و بعد ساعة او اقل من الراحه ، اتصل بى زوجى من غرفته حيث كان يتشارك مع زملاء رجال كما اتشارك انا الغرفه مع سيدتين ، كى ننزل لاداء العمره
و نزلنا الى الحرم
ما هذا البهاء ؟
ما هذه العظمه ؟
لم تكن المره الاولى فى حياتى التى ارى فيها الحرم المكى و الكعبه اذ انى ذهبت و انا فى السابعه من عمرى للحج مع والدى
لكنى اول مره اعى الكعبه
نعم
اعى و افقه وجودها و كينونتها و ليس فقط اراها بعدستين من زجاج
تخيل معى
ان يجعل الله كائناً نورانياً على الارض ، تحت عرشه مباشره ، بدا ببنائه ادم عليه السلام ، حتى يطوف حوله كما تطوف الملائكه حول عرش الرحمن
و ياتى بعدها بقرون ابراهيم و ولده اسماعيل ، ليقيم قواعد ذلك البيت ، و يطلب ابراهيم من الله ان يجعل افئدة من الناس تهوى الى ذلك المكان القفر
و يظل البناء النورانى قائماً ، مع تتابع دعاوى الضلال و الايمان من حوله ، تاره يقيمون حوله التماثيل و الاصنام ، و تاره يسجدون لها و تاره يعذبون من يرفض
ثم ياتى الرسول الكريم ، ليشير على القوم ان يحملوا الحجر الاسود على ملاءه من اربعة اطراف حتى لا يختلفوا فيما بينهم ، و يقبل ذلك الحجر الذى لا يوجد شبيه لتركيبه الكيميائى على الكوكب كله ، اى انه هبط فعلا من السماء الى الارض كى يحتل مكانه عبر القرون
تخيل ان تكون مواطىء اقدامك الان هى مواطىء اقدام الانبياء و الصالحين ، و ملايين من عباد الله ذابت اقدامهم طوافا ببيته المحرم و املهم فى عفوه و كرمه تعلو و تتعاظم مع كل خطوة فى سبيله
تخيل ان يكون هناك شىء فى هذه الارض مجرد النظر اليه ............. عباده !!!
تخيل ان تصلى انت و من حولك و بعضهم وجهه مقابل وجهك
لانكم عند القبله ، فتتلاقى الوجوه لاننا كلنا نولى وجهنا اليها
تخيل ان تصلى و انت ناظر اليها و متخيل ان والديك و اهلك جميعا فى العالم كله يصلون الان و ابصارهم شاخصه فى الفراغ الى تلك البقعه التى لا يرونها بل فقط يقصدونها فى صلاتهم
و تراها انت ايها المحظوظ
الان
تخيل ان تصلى ركعة بعشرة الاف ركعة و تزيد ، فقط لانك فى رحابها
الكعبة المشرفه
اللهم ارزق كل مؤمن بك رؤيتها و التمتع بذلك البهاء يا رب العالمين يا الله

يتبع ..........................

5 التعليقات:

Unknown يقول...

حمد الله على السلامه يا أستاذه ايمان و تقبل الله.
يا رب ارزقني الحج قريبا يا الله

Rosie يقول...

ووووحشتينى جدا جدا يا ايمى..
و حج مبرور و ذنب مغفور إن شاء لله.....

Miada Ibrahim يقول...

مش عارفة اقول ايه بجد
متعتينى وابكيتينى...
تقبل الله

تحياتى (f)

غير معرف يقول...

مدونة جميلة .. لكن في مدونة كبيــرة بنفس الإسم .. للتميــز غيري الإسم

غير معرف يقول...

أين البقية يا ماني
ربنا يتقبل يا رب
عقبالنا يا رب ان نرزق الحج اللهم امين

Template by:

Free Blog Templates